الأحد، 9 أغسطس 2015

أعطوني زهرة ساكورا...!!


أعطوني زَهرة  الساكورا وَ سَأزيّن العَالم,
أعطوني زَهرة اللوتس وَ سأنشر الحب,
أعطوني زَهرة السوسن وَ سأملأ الفضاء فرح.

ارتبطت الأزهار بالحب والجمال,وكلما كُنّا أصدقاء للزهر كلما رقّت مشاعرنا  التي تهدر كالأمواج وأحاطها السكون , وبوجودها  يتحول المكان إلى قصيدة موزونة , وكلما رشقتها بنظرة استَمع اليها من خلال عينيك وسيتناهى إلى سمعك موشحات أندلسية وكأنك داخل قصر الحمراء , والأزهار لها  لغة  تخاطب وجداننا وهي لغة المشاعر المنعشة المتدفقة والمملوءة بالحياة , و تسمى لغة الأزهار أحيانا بالفلوريوقرافي , حيث أن الأزهار في العهد الفيكتوري كانت رمز للتعبير عن المشاعر والامتنان وعنوان يدل على الإحساس بالآخر, وتحولت إلى  لغة الحب والشعور ونبض الكون، ونسغ الوجود الحي النابض, والذي يعشق الزهر ويتعامل معه يدركه الجمال ,فالجمال والحب هما وجه الحياة الرائق. وقد استخدم كل من وليم شكسبير وجين أوستن وتشارلوت وإيميلي برونت وأبناء الكاتب فرنسيس هوجسون برنيت, لغة الزهور في كتاباتهم بمعانيها الرمزية واحتفوا بها على طريقة المبدعين , أما الاحتفاء بها وبجمالها وقيمتها على طريقة الشعوب فهو تقليد عتيق في الحضارات المختلفة , وفي كثير من بلدان العالم ارتبطت الأزهار بالهوية القومية للبلد , ففي اليابان تمثل زهرة الأزهار الساكورا الجمال المتألق و الموت السريع , لأن الأزهار عمرها قصير لذلك اكتسبت الساكورا هذه الرمزية في المجتمع الياباني لأنها تذكرهم بإنسانيتهم و فنائهم. كذلك أكثر أغنية شهرة في اليابان هي أغنية فلكلورية عنوانها "ساكورا" وزهرة الساكورا هي عبارة عن زهرة الكرز ولكن بلا ثمر لونها ابيض ناصع مع قليل من اللون الوردي الباهت وهي أنواع كثيرة ولكن أشهرها هذا النوع الذي بلا ثمر ويقول عنها اليابانيون " الساكورا اليابانية ليس عليها أن تنتج محصولا فقد ولدت أرستقراطية و مهمتها الوحيدة هي أن تكون جميلة ".ولدى اليابانيون تقليد يدعى هانامي  Hanami للاستمتاع بجمال أزهار الساكورا. وفي مصر تعتبر زهرة اللوتس (زنبقة الماء الزرقاء) أو كما تسمى (لوتس النيل)، رمزاً لمصر منذ عهد الفراعنة حتى يومنا هذا، فقد دلت النقوش والرسومات الفرعونية الموجودة على المعابد المصرية القديمة على إعجاب قدماء المصريين لهذه الزهرة. و أظهرت تلك الرسومات ملوك مصر الفراعنة وهم يمسكون باللوتس بأيديهم تقديراً منهم لتلك الزهرة الحسناء.وفي هونغ كونغ اتخذت بوهينيا بلاكايينا  زهرة وطنية, حيث اختيرت هذه الزهرة شعاراً للمجلس الحضري عام 1965، ثم استخدمت لاحقاً في علم وشعار هونغ كونغ .أما زهرة التوليب أيقونة الحب والأناقة والجمال فقد اتخذها الهولنديون رمزا وطنياً لبلدهم , وفرنسا اتخذت زهرة السوسن , أما أثيوبيا فقد اتخذت الكالا الزهرة الوطنية,أما اسبانيا فقد كان زهر القرنفل هو الشائع ولذلك اتخذته رمزا وطنيا لها , واختيار هذه الأزهار يلامس جوهر التعبير عن جماليّة المعنى الكامن في اتخاذ ها رموزا من الطبيعة والاحتفال بالحياة في كل لحظة بالرغم من قصر الحياة , فالحب والأزهار أعمارهم قصيرة لذلك يجب أن نستقبلهم ونحتفي بهم في أي وقت يظهرون لنا .

*إلى زهرة غائبة :

ليسَ عَلى الزّهرِ مِنْ حَرج عِندَمَا يتَفتَحُ فَلاَ يَجِدُ الحَقيِقَة, فَفِي زَمَنِ اللاَعَقل تَحلىّ بِالّصَبر وَالبَس ثَوبَاً مِن زَهَرِ اليَقيِن.

الثلاثاء، 4 أغسطس 2015

قهوة ورسائل...!!



لقد صرتِ عذابي، وكتب علي أن ألجأ مرتين إلى المنفى، هاربا أو مرغما على الفرار من أقرب الأشياء إلى الرجل و أكثرها تجذرا في صدره، الوطن و الحبّ. ( رسائل غسان كنفاني إلى غادة السمان).
* الرسالة الاولى:
كتبت في دفترها الوردي الصغير: الألم مثل المدن له رائحة ولون وشكل، أحيانا يغري بالاستزادة بسادية غريبة، واحايين اخرى يكون كالريشة لانعدام جاذبيته، الالم والمدن لها صفة السكون والضجيج، الوجع والفرح، الذكريات الجيدة والموجعة، فيكون بينهما رابط مشترك وهو بقايا صور باهتة واحيانا ملونة، الا ان الالم يحتوي بوجعة كل بهجة، وكلما فرحنا يأتي على شكل انامل طريّة تتفقد ارواحنا عند الفرح فيكسر الانوار ويطفيء الشموع. اشبه الالم بمطرقة تدق مسامير على خشب الروح تتوغل بشدة كلما مرت بها مطرقة الحياة بصلافتها وقسوتها، فيحتضن الوجع الروح برقة لم يقم بها حبيب من قبل، فتنزف سيلا من حزن على اطراف الكآبة.. أتساءل: لماذا لا يموت الالم لترتاح ارواحنا من هذا الضجيج؟
* الرسالة الثانية: كتب لصديقة من ساحة المعركة: لازلنا نتمسك بعروة الصبر، ولازالت العدالة قتيلة، ورأسي المجبول على الصداعات العنيدة يشتاق لسكون بطعم الوطن، أتأمل بحزن يا صديقي تلك الاعشاب النابتة على سكة الحديد التي امامي، تشبهني هذه الاعشاب فهي لم تجد لها هوية، ولم تجد لها مكاناً الا سكة الرحيل.
* الرسالة الثالثة: كتبت له بعد أن كفنها الرحيل بالأسرار: فعلت لك اشياء جميلة جداً ولكن اصابها حمى البهتان، كنت أنت همزة الوصل التي بعثت روحي من مرقدها عندما خذلني الآخرون، وأنت الذي مزق قيد الظلم المحيط بمعصم قلبي. غادرتني امنياتي وأنا التي كنت لا اغلب امنية إلا بأخرى اكبر منها، لم أكن انتهي الى طريق وكنت انت الطريق، وكانت عيناك تتابعان روحي بكل بسالة معلنة الشوق الذي يهزم هزيع الفقد فللعشق نصيب من تألق السماء وبوح النجوم، اما الآن فقد رفعت اقلام قلبي وجفت صحفه.
* آخِرُ رَشَفَةٌ: لاَ تَبنِي حُكمَاَ قَضَائِيا مُسبَقاً قَبلَ أنْ تُفتِش عَنْ هَزيِع المَوقِف فِي أحشَاءِ الإنسَانيِة.

السبت، 1 أغسطس 2015

تقديم ورقة عمل عن الفلسفة في فضاء القصة




قدمت الكاتبة والأديبة  د. زينب الخضيري في حلقة الفلسفة في النادي الادبي بالرياض ورقة عمل كان بعنوان :(الفلسفة في فضاء القصة )

سئمت الكتــــابة ...!!




فضيلة الكاتب الوحيدة هي المعرفة. "هرمان بروخ روائي نمساوي"
اخترت قدري وهي الكتابة، فهي أداة لتحريك كل ما حولي وبث شجوني ومشاعري، غضبي وحزني، وسعاداتي الكثيرة، وهي فن الانتقال بين الذات والآخرين، فأنا لا أستطيع انتزاع نفسي من محيطي ومجتمعي ولكني قد أكون أحياناً الأقدر على الخوض في تفاصيل لا يتطرق إليها أحد، ولدّي حاجة إلى أن أكتب عمّا لم يكن يقال؟ وأحد دوافعي واستمراريتي هو الاعتراف بالاختلاف، فالكاتب الحقيقي يجب ألا يكون انتقائياً بل يجب أن يُجبر نفسه على فهم كل ما حوله ويتفادى إصدار الأحكام، فلا يجب أن يكون قاضياً، بل يجب أن يكون مبدعاً ويُعين على الإبداع، في الواقع ثمة صعوبة بالغة في التخلّص من الأحكام المسبقة، ولكن التعود على التأني والتفكير قبل الحكم على الآخر حتماً سيكون عاملاً مساعداً في الابتعاد عن جاهزية الأحكام.
والحقيقة أننا لسنا ملزمين ببناء العالم وإصلاح ما تهدم منه، ولكننا ملزمين في البحث عن الحقيقة. وأعتقد أنني ككاتبة سئمت حقاً من استثمار كل كلماتي الرقيقة والمتسامحة في محاولة يائسة لتلطيف هذا العالم السيئ التنظيم، وكلما حاولت إزالة الحواف الخشنة مما حولي، تظهر لي وجوه بائسة وساخطة تعيدني للمربع الصفري الذي بدأته منه تفاؤلي..!
والسؤال الذي يلحّ عليّ أكثر: هو كيف يستطيع الكاتب أن يتلمس بيديه موضع الألم، وترياق الشفاء؟
هذا السؤال الذي ظل يلازمني كظلي وجدت إجابته في رواية الفرنسي دوني ديدرو (جاك القدري)، فهي إحدى الروايات التي أحببتها، حيث إنها أكثر الروايات التي تحاكي واقع الإنسان وطريقة تفكيره وسلوكه.
حيث إن موضوع الرواية الرئيسي هو علاقة بين الخادم جاك وسيده الذي لم يُذكر اسمه قط. يرتحل الاثنان لوجهة يتركها الراوي غامضة، ولتبديد ملل الرحلة، يضطر جاك لرواية قصص حبه بأمر من سيده. لكن قصة جاك غالباً ما كانت تقاطع من قبل شخصيات أخرى وحوادث عديدة. يروي الشخوص الآخرون الذين يظهرون في الرواية قصصهم، لكنهم أيضاً يُقاطعون باستمرار.
ثمة قارئ يقاطع الراوي بطرح الأسئلة وطلب المزيد من التفاصيل. وتتميز الشخصيات المركبة بانغماسها في الخداع. فلسفة جاك الرئيسية هي أن كل شيء يحدث لنا سواء كان خيراً أم شراً مكتوب مسبقاً في لفافة كبيرة، يتم بسط جزء يسير منها كل مرة. لكن جاك يستمر في إضفاء قيمة على أفعاله، وفي الرواية تظهر شخصيات جديدة كل مرة تتحدث وتقاطع، فمن شخصية الجنديين في الجيش حتى شخصية الأب هدسون، وفي نهاية الرواية كان هناك إثبات قطعي من جاك أن سيده لا يستطيع العيش بدونه، وبذا فإن جاك يكون هو السيد والسيد هو العبد.
في هذه الرواية أتساءل هل باتت المشاكل أكثر لطفاً؟ أم أن الحياة تحسنت على نحو كبير؟ فالكاتب هنا خرج بأقصى ما يستطيع مما حصل عليه من شخصيات متناقضة، فالكتابة تحتاج إلى حياة عامة، وتبادل حر للأفكار، والنقاش، والجدال، والاستماع، فنحن لسنا ملزمين بالكتابة فقط بل لتأمل أولاً، فالكاتب يحمل بين حناياه الكثير من الأرواح، والسؤال المطروح هو: كيف يؤمن الكاتب المبدع بذاته؟
الإجابة على السؤال يطول شرحها، ولكن الكاتب لدية دائماً أشياء مشتركة مع البشر جميعاً، الصراع، الحب، الرغبات، فنحن نشبه بعضنا فيما نعيش به وفيما نتألم من أجله، العالم هو مكان للجميع، والآخرون يعطون شكلاً للحياة ويزودون الكاتب بالكثير من المشاعر، إن الكاتب الذي يرفض كل شيء ويتصيد ما يروق له ويتوافق مع أهدافه هذا غير أمين على الواقع، فالالتزام بالحقائق هو أساس الكتابة، ويجب أن نعي أن في داخل كل كاتب معركة قائمة بذاتها، فيظهر له البائس والسعيد الفقير والغني الشجاع والجبان وأمام هذه الحياة المليئة بالتناقضات هل يستطيع الكاتب أن يتخندق؟.
* محبرة:
- الكتابة مثل الخدمة العسكرية الإلزامية بمجرد أن تقرر أن تكون كاتباً فأنت ارتبطت بها.

امسية للكاتبة والقاصة د.زينب الخضيري في الكويت

مشاركة الكويت ..أمسية قصصية للكاتبة زينب الخضيريhttps://www.youtube.com/watch?v=ZYbJdN4chUw


كم وجهاً لللانسانية ..؟؟



كيف تعددت وجوه الإنسانيه وصرنا لا نستطيع أن نتعرف عليها؟
كيف اختلطت الأوراق الإنسانية ببعضها حتى تمزقت وأحرقت بفعل فاعل؟
كيف لنا أن نعيش بسلام ننتج ونفكر بالمستقبل الذي أقصيناه؟
كيف نفضح نوايا التفكير التقليدي الجاثم بظلاله إلى اليوم على منظور الوعي الإنساني؟
وبحنين جارف أرغب باستعادة الإنسان بداخلنا المتمثل بحضوره الحضاري، ذلك الكامن في أدق خلايا الروح وتصور الحياة، لابد من العودة حيث الجذور الأولى لتأكيد أصالة الانتماء إلى حضارة الإنسان، ما نراه من صور بشعة عبر الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي من بداية الربيع العربي وصولاً إلى ظهور داعش بجرائمها الكرنفالية وإلصاق جرائمها باسم الإسلام، هذه الهوية الدموية الجديدة للإسلام والتي فُرِضت علينا، هل أدركنا حقاً أخطار ما يمكن أن يحدث إثر هذا التجاوز لميلشيات داعش وقتلها الأبرياء باسم الإسلام الحقيقي؟
إن ما يحصل حولنا يستدعي بحثاً متأنياً لتفكيك هذه الظاهرة والاستعانة بالعديد من مفاهيم حقول بحثية مختلفة من علوم واقتصاد وسياسة وجغراسياسية ومستقبلية وإستراتيجية سيسيولوجية وإنثروبولوجية من حضارية وثقافية، ولعل أبسط الأسئلة وأعقدها الآن ما يخص ماهية داعش، وكيف يمكن القضاء عليها واجتثاث فكرها؟
هذا السؤال الراهن الذي كان بالأمس القريب مستقبلياً لشبيهاتها من الجماعات الإرهابية التي أكسبت العالم العربي صفة المهرجان الدائم للدم بمشهد بانورامي يحتوي الكثير من فنون القتل والتنكيل، وها هي تحاول مغالبة قوانا لتفرض علينا واقعاً جغرا- سياساً واستراتيجياً جديداً بقوة السلاح، فكلما استبدت الفوضى بالنظام المجتمعي المحكوم بسلطة الفكر الواحد كلما كان انجذاب الجمهور أكثر لهذه الميليشيات واديولوجيتها القاتلة والتي عززت عولمة القطب الواحد، ما يحزنني هو قلة الدراسات العربية بهذا الشأن من قبل الباحثين والأكاديميين، وهناك تمادٍ من بعض المثقفين العرب في تحليل هذه الظواهر الحادثة بأفكار ومفاهيم قديمة بدون الاستناد على دراسات والاكتفاء بالنفي والإثبات؟ وأتفق مع شارل بيرس بأن: (الفكر هو السلوك، والسلوك هو معيار صواب الفكرة) وبمجرد ما يتغير فكرنا ونظرتنا تجاه ما يحصل سيتغير سلوكنا وردات فعلنا.. يا ترى متى تتسع نظرتنا للحياة وما يمر بنا؟
*رمضانيات (3):
خارج دوائر الألم تمتد مساحات الوعي، وينضج قلب البعد، يخرس صوت الأمنيات، وتتوقف بوصلة الروح، هل لازالت الإنسانية بخير؟

شيطانك اللطيف ...!!


الكثيرُ مِنا بحاجة إلى استراحة صيفية، إلى أيام من التأمل والصمت، إلى حنان الطبيعة وشذا الورد، إلى رسالة من حبيب مجهول، وهدية ملفوفة بسلوفان معقود على خاصرتها كلمات حب، لأننا مابين عشية وضحاها قد نصبح خيبة أمل لأمنية فاشلة، قد نصبح رماداً داخل قنينة، أو حطاماً داخل قلوب من نحب، وكلما أوشكت على الضياع عُضّ على كف الوحدة وتجرع مرارة أن تكون مغرداً خارج السِرب.
سؤال بريء: هل استطاع الشيطان أن يتفوق عليك وهو موصد في رمضان؟
يبدو أن الشيطان الآن لبس لباس العيد، ويتمتع بتذوق حلاوة العيد وقهوته الصباحية اللذيذة، جالساً هناك على الأريكة واضع رِجلاً على رجل يتأملنا وهو يردد بينه وبين نفسه:
آن لي أن أرتاح الآن فكم من تلميذ تفوق على أستاذه.
هل حاولت يوماً أن تصمت، أن تمسك فمك عن كلمات حادة ونابية، أن تبتلع لسانك قبل أن تتحدث عن أحد بغيابه، أن لا تتبع أخبار الآخرين، ولا تربط نفسك ومصيرك بشخص، أن تحتوي الآخر وتقبله كما هو، أن تتلمس بأصابعك وجه من تحب، أن لا تغادر دون وداع، أن تمسح عن جبين وعيك ضباب الرأي الواحد وشهوة الجدال، هل تجد صعوبة في أن تعيش كإنسان؟
ليس على اللطيف من حرج، ولا على المتفائل عتاب، فلا تتخلى عن كلاسيكيتك وسلوكك الذي تعودت عليه، وآرائك المتفائلة في مجالات الحياة، لا تتخلى عن بساطتك، وعن آرائك المعقودة بحبل الاستقلالية، وكن كريماً مع نفسك، واخفض لها جناح الحب والتدليل، ولا تطفئ نهارك بالخوف من الغد الذي لم يستيقظ بعد، فلم تكن الرقة والهدوء والسماحة واحتواء الآخر ضعفاً يوماً بل هي مكمن القوة، فلا تعِش وأنت يتيم من الأحلام.
* عيدكم فرح وحب ومواطنة.

سيـــد العالــــم ..!



لو كان المجتمع مثالياً مكوناً من الفلاسفة لم يحتج إلى القانون) مجهول.
المتتبع لتاريخ الجماعات البشرية يرى أن حياة الشعوب لم تكن خالية من النظام والقانون على مر العصور، بل كانت كل العلاقات الإنسانية مبنية على الكثير من القوانين والقواعد التي تنظمها، وكلما ازداد عدد الجماعات كلما كان وجود القانون ملزماً لتنظيم علاقاتهم ومعاشهم، ويوضح حقوقهم وواجباتهم،وأعرافهم، وتقاليدهم، ويرى ترمان آرنولد: «إن هناك في كل مجتمع من المجتمعات عدداً لا يحصى من القواعد والعادات والإجراءات والتدابير التي لها صفة الإجبار وكل هذا ما يطلق عليه في العادة صفة القانون ولكل بلد قوانينها التي تختلف أحكامها عن غيرها من البلدان، ولكن لا يمكن أن يختلفوا على الأساس وهو الهدف من وضع القانون وتشريعه، وإذا غاب القانون تحول المجتمع إلى غابة القوي يأكل الضعيف.
ويؤكد عالم الاجتماع الفرنسي گورويج: أن هدف القانون تحقيق العدالة في إطار مجتمع معين، وبالرغم من أن العدالة قيمة نسبية عنده وإنها تختلف بالتالي باختلاف المجتمعات إلا أنه يرى أن الغاية (العدالة) واحدة عند الفرد والدولة معاً. لذلك وجود القانون أمر يتناسب مع سلوكيات البشر في إدارة حياتهم، وإيجاد التوازن والقوة فيها، وفك التصادمات والحفاظ على الحقوق المشروعة لكل فرد، وإيقاف أطماع من لا تقف أطماعهم عند حد، ولكني أتساءل ما الذي جعل مجتمعنا هشاً وضعيفاً؟ أليس غياب القانون؟ وعندما يُرفَض سن قانون ألا يوجد بديل مقترح إزاء هذا الرفض؟
ربما عدم الإيمان بأهمية القانون أو الفهم الخاطئ له تجعل رفضه أسهل من التعامل معه وقبوله ومن ثم تطبيقه، ولو استوعبنا أن القانون السليم هو الذي ينبعث من كافة المستويات ويندمج مع مختلف الجوانب الثقافية والأخلاقية والتربوية بحيث يتكامل مع العناصر الأخرى لتحقيق المثل الإنسانية والإلهية العليا. ولا يوجد علاقة تستحق التنظيم أكثر من حل الخلافات التي تحصل نتيجة التعارض بين مصالح الناس، وكلما وجدت مجتمعاً يطبق القانون، كلما كان تأثير القانون بالأفراد قوياً ورأينا مجتمعاً ناهضاً فكرياً واقتصادياً ومتطوراً وكلما كان المجتمع لا يؤمن أفراده بالقانون كلما كان وضعه بائساً متخبطاً.
وما يشغلني هي مجموعة أسئلة موجهة لمن يرفض وضع حد للتخبطات البشرية في المجتمع، وهي على الشكل الآتي:
ما الذي يمنع من سن قوانين في المجتمع بدءاً من قوانين ضد التحرش ومكافحة التمييز ضد الأقليات وحمايتهم، تكون قوانين مكتوبة تنظم حياتنا ومعاشنا بشكل واضح وتتوافق مع التشريعات الإسلامية؟
ما مشكلة البعض النفسية من وضع القانون؟ والحساسية الشديدة تجاه المطالبة به؟
ما هي خلفيتك ومصادرك وتعريفك للقانون؟
ومتى تتعامل مع القانون كحل لمعظم مشاكلنا الاجتماعية؟
متى نستوعب أن هدف القانون هو إقامة العدالة، التي تعني توفير مصلحة الطرفين؟